القصة الكاملة لمغربي برأته ألمانيا بعد سجنه في ثلاث دول بتهمة الإرهاب
2018/12/22
الساعة 07:19 مساءً
بوابتي/صحف
قال معتقل إسلامي مغربي سابق في السجون المغربية يحمل الجنسية الألمانية إنه تقدم بطلب رسمي عبر سفارة الرباط في ألمانيا "من أجل التخلي عن الجنسية المغربية".
وأوضح المعتقل الإسلامي المغربي محمد حاجب، الذي قضى سبعة أعوام في السجون المغربية، أن رغبته في التخلي عن الجنسية المغربية تأتي خشية الاعتقال والملاحقة مرة أخرى.
وقال حاجب في حديث مع "عربي21": "لقد تقدمت بطلب رسمي إلى السلطات المغربية لإسقاط الجنسية عني، وأنا لم أتخل بذلك عن وطني فأنا مغربي وسأبقى كذلك، ولن أتنكر لمغربيتي، ولكنني أخشى أن ينالني الاعتقال مرة أخرى بسبب جنسيتي، علما بأنني لم أتلق حتى الآن أي رد على إسقاط الجنسية، وأعتقد أنهم لن يردوا".
ومحمد حاجب هو معتقل سياسي مغربي سابق بسبب انتمائه الإسلامي، وهو من مواليد مدينة تطوان شمال المغرب، والده حمادي حاجب أستاذ لغة عربية، وللمفارقة فوالده حامل للفكر اليساري وكان ناشطا ضمن حركة إلى الأمام في سبعينيات القرن الماضي، ووالدته موظفة في إحدى المحاكم المغربية.
قدمت بطلب رسمي إلى السلطات المغربية لإسقاط الجنسية عني، وأنا لم أتخل بذلك عن وطني فأنا مغربي وسأبقى كذلك
حصل حاجب على الثانوية العامة في المعاهد المغربية، ثم على شهادة في اللغة الألمانية مكنته من الالتحاق بالجامعات الألمانية لدراسة الاقتصاد.
يقول حاجب: "أتيت إلى ألمانيا، كأي طالب مغربي لدراسة الاقتصاد، وقضيت فيها ثمانية أعوام، وحصلت على الجنسية الألمانية، وهناك التقيت ببعض الطلبة المنضوين تحت ما يُعرف بجماعة الدعوة والتبليغ، التي رأيت أنها جماعة مسالمة لا علاقة لها بالعنف، وخرجت معهم وتعلمت معهم، تعاليم الإسلام العادية المعتدلة. وأعتقد أن جماعة التبليغ وقواعدها معروفة في العالم".
قصة الاعتقال الأولى
وذكر حاجب أن قصته مع الاعتقال التي غيرت حياته بدأت أواخر العام 2009، حيث سافر في رحلة مع جماعة الدعوة والتبليغ إلى باكستان.
وقال: "سافرت بجواز سفري الألماني، ولكن تصادفت زيارتي إلى باكستان بحملة اعتقالات عشوائية كانت السلطات في إسلام أباد تشنها، فتم اعتقالي ووجهت لي تهمة الدخول إلى الأراضي الباكستانية بطريقة غير شرعية".
وأضاف: "لم أكن أعرف أنني دخلت بطريقة غير قانونية، فقد تم النصب علي، وهذا مُوثّق عند السلطات الباكستانية، التي حققت في الأمر، وتعرفت على هذا النصاب، وتم الإفراج عني وترحيلي إلى ألمانيا كشخص عادي بدون أي تهمة إضافية البتة بعد أربعة أشهر وسبعة عشر يوما قضيتها في السجون الباكستانية".
ونفى حاجب أن يكون قد تعرض إلى أي نوع من أنواع التعذيب في السجون الباكستانية، وقال: "خلال إقامتي في السجون الباكستانية، لم أتعرض للتعذيب أصلا، وتم التعامل معي بطريقة عادية جدا، ولم يتم تلفيق أي تهمة لي، وأنا حقيقة أشكر دولة باكستان لأنها لم تفتعل لي أي تهمة".
السلطات الألمانية ترفض استقباله
وأشار حاجب إلى أن قصته لم تنته عند هذا الحد، فلما عاد إلى ألمانيا وحطت طائرته بمطار فرانكفورت في شباط/ فبراير من العام 2010، رفضت السلطات الأمنية الألمانية السماح له بالدخول إلى الأراضي الألمانية، وطلبت منه إكمال رحلته إلى المغرب.
وقال: "حقق معي في مطار فرانكفورت الذي وصلته يوم 17 من شباط (فبراير) 2010، نحو 25 موظفا أمنيا، وأخبروني أنه من غير المسموح لي الدخول إلى ألمانيا، بل وتم إبلاغي أيضا أنهم بصدد البدء بإجراءات سحب الجنسية مني، على الرغم من عدم وجود أي تهمة لي من أي نوع تستوجب ذلك".
وأضاف: "مكثت في المطار ما يزيد على الثماني ساعات، قبل أن يتم ترحيلي إلى مطار الدار البيضاء بالمغرب، رغم أنني لم أكن في أي يوم من الأيام محلّ متابعة جنائية أو أمنية ألمانية، ولذلك اختارت السلطات الألمانية الضغط علي من أجل ترحيلي إلى المغرب".
وذكر أن "الأجهزة الأمنية الألمانية، حققت معه حول مقصد ذهابه إلى باكستان، وعن ما إذا كان ذهب إلى هناك من أجل الجهاد أم لا".
وقال: "لقد أكدت لهم أنني ذهبت ضمن جولات جماعة الدعوة والتبليغ، وأن السلطات الباكستانية اتهمتني فقط بأنني دخلت البلاد بطريقة غير قانونية".
وأضاف: "للأسف الشديد لم يسمع مني رجال الشرطة الألمان، ولم يتجاوبوا مع اعترافاتي، ولذلك كان هدفهم الأساسي، هو ترحيلي إلى المغرب بتنسيق تام مع المخابرات المغربية، وحتى منذ انطلاقي من إسلام أباد من فرانكفورت، أخبرت المخابرات الألمانية السلطات المغربية أنني قادم، وهذا كان اعتراف الحكومة الألمانية أمام البرلمان الألماني".
وأكد حاجب أنه نظرا لحداثة معرفته بالقوانين الغربية، وأنه لم يكن على إلمام بالقوانين، فلم يطالب بمحام، ولم يكن له أي احتكاك بالقوانين ولم يكن يعرف كيف يتصرف، بالإضافة إلى حالته النفسية المضطربة وهو عائد من تجربة سجن هي الأولى له استمرت أربعة أشهر وسبعة عشر يوما"، مشيرا إلى أن "السلطات الألمانية كانت تعرف ذلك وأنها ضغطت عليه من أجل مواصلة رحلته إلى المغرب وهو ما حصل بالفعل".
أبلغ المعتقل المغربي السابق محمد حاجب "عربي21"، أنه في نهاية المطاف لم يجد بدا من القبول بالقرار الألماني، والسفر إلى المغرب، لتبدأ رحلة جديدة وحكاية من نوع مختلف من التحقيق والاعتقال.
وقال: "أول ما وصلت إلى مطار الدار البيضاء بالمغرب، وجدت خمسة أشخاص بزي مدني من المخابرات المغربية ينتظرونني أسفل سلم الطائرة، وتم اختطافي وأركبوني سيارة أمنية تابعة للشرطة باتجاه قسم أمن المعاريف بالدار البيضاء، وكنت مُعصّب العينين ومُصفّد اليدين".
وأضاف: "في الطريق إلى قسم الشرطة، تم ضربي بشدة، وقالوا إن ألمانيا هي من أخبرتهم بقدومي، وهي من طلبت اعتقالي".
وأشار حاجب، وهو يتحدث بكثير من الحرقة، أنه "لا يعرف إلى حد الآن بأي تهمة تم اعتقاله"، وذكر أنه الآن بصدد رفع دعوى قضائية ضدّ الداخلية الألمانية في برلين.
وحول تجربته مع التحقيق والاعتقال في المغرب، قال حاجب: "عشت أياما عصيبة في مركز شرطة المعاريف، وتم تعذيبي ووضعي في غرفة متسخة جدا، وبعد ذلك، سألوني عن سبب ذهابي إلى باكستان، وأكدوا لي أنهم على علم بكل شيء، وأن ما علي إلا الاعتراف. فأخبرتهم بكل القصة وقلت لهم بأنني من جماعة الدعوة والتبليغ، ولم أفعل أي شيء مخالف للقوانين".
وحول سبب اعتقاله قال: "قالوا لي بأن السلطات الألمانية أخبرتهم بأنني كنت في باكستان من أجل الجهاد، وأنني دخلت إلى أفغانستان من أجل قتال القوات الأمريكية. وأكدت لهم بأنني لم أدخل في حياتي إلى أفغانستان ولو مرة واحدة في حياتي ولا علاقة لي البتة مع أفغانستان".
عشت أياما عصيبة في مركز شرطة المعاريف، وتم تعذيبي ووضعي في غرفة متسخة جدا،
وأكد حاجب، أن الشرطة المغربية لم تثبت له إطلاقا حتى أمام القضاء أي صلة بأفغانستان ولا بأي أعمال إرهابية، ولا يوجد شهود ولا أدلة عن اتهامات له، وقال: "هذا باعتراف السفارة الألمانية التي حضرت محاكمتي وكتبت تقريرا سريا عن ذلك".
القضاء الألماني أنصفني
وذكر حاجب، أنه "رفع دعوى قضائية ضد الخارجية الألمانية، من أجل تمكينه من وثائق سرية أفادته في إثبات براءته في المغرب".
وقال: "الحمد لله، القضاء الألماني انتصر لهذا الأمر أواخر سنة 2012، حتى 2015 تمكنت من الحصول على وثائق سرية وعلى فترات متفرقة، ومنها هذه الوثيقة، التي تؤكد أنه في جلسة المحاكمة لم تُقدّم أي أدلة، ولا وجود لشهود، وأن القاضي اعتمد على محضر الشرطة فقط".
وحول طريقة التحقيق معه، قال حاجب: "مازلت أذكر كيف تم التحقيق معي في دهاليز الشرطة المغربية، عبر الترهيب والتعذيب والضرب على الأرجل، حتى أقول ما يريدونه، وقالوا لي إذا لم أقل بأنني كنت في الجهاد في أفغانستان وباكستان أقاتل، سيأخذون أمي وزوجتي إلى المعتقل السري في تمارة ويفعلون بهم الأفاعيل".
وأضاف: "بقيت الأيام الأربعة الأولى من دون علم عائلتي التي بحثت في كل مراكز الأمن من دون أن يصلوا إلي، حتى تدخلت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، وصدر خبر في صحيفة محلية، بعدها اتصلت الشرطة بأسرتي وأخبرتهم بأنني عندهم".
ولفت المعتقل المغربي، إلى أنه "توصل بعد عدة أشهر من اعتقاله في المغرب بمراسلة من مؤسسة ألمانية كانت مسؤولة عن الجنسية، تخبره بأنهم سيسحبون منه الجنسية، بسبب أنه كان مع جماعة الدعوة والتبليغ ولم يبلغهم بذلك قبل حصوله على الجنسية، وثانيا أنهم توصلوا يوم 19 شباط (فبراير) عام 2010، بمحضر الشرطة المغربية، أي بعد يوم واحد من اعتقاله، وهو محضر قال بأنه لم يطلع عليه ولم يوقع عليه".
وأشار إلى أنه هو نفسه "محضر الشرطة المغربية الذي أمضى عليه من دون أن يعرف فحواه تحت الإكراه بعد 12 يوما، أوصلوه هم إلى الشرطة الألمانية بعد يوم واحد من اعتقاله".
هذا المحضر يقول بأن محمد حاجب "اعترف فيه بأنه كان في باكستان، ودخل إلى أفغانستان، وأنه تعلم المتفجرات، وأنه تعلم الضرب بالكلاشينكوف".
وأضاف: "أنا لم أقرأه كاملا حتى اليوم.. لأنه يتضمن أشياء مؤلمة حقيقة.. يؤلمني لأنه يحمل شيئا غير الحقيقة، وتزويرا للحقيقة حطم حياتي وحياة أبنائي، وحتى الآن مازلت أعاني من تبعات هذا الأمر".
وأشار إلى أن "مستوى التعذيب تراجع بعد الأيام الأولى، وبقي الضرب بين فترة وأخرى".
ولفت حاجب الانتباه إلى أن الشرطة هددته بأنه إذا لم يقل الكلام ذاته الذي أجبروه للتوقيع عليه، إلى قاضي التحقيق، أنهم سيعيدونني إلى أيام السجن الأولى".
وقال: "في اليوم نفسه، خلال عشرين دقيقة، أنهيت لقائي مع قاضي التحقيق الذي أمر بإيداعي بسجن الزاكي بمدينة سلا، بعد أن تلا علي قاضي التحقيق الاتهامات السابقة، وهو ما نفيته جملة وتفصيلا، لكنه عاد وأكد لي بأن الشرطة لا يمكن أن تكذب علي".
وعن السبب الذي جعل الشرطة في ألمانيا ثم في المغرب تتفق على اتهامه واعتقاله، قال حاجب: "عندما كنت في مدينة دوينسبيرغ الألمانية، كنت أتحرك في الدعوة، أدعو الشباب إلى الصلاة، فكان كثير من الشباب يأتون إلى المسجد، ربما يكون ذلك وراء انزعاج السلطات الألمانية مني، ويمكن وجود شيء آخر. ثم إنني كنت أعتقد أن السلطات الألمانية لم ترغب في إضاعة الوقت معي، وتصرف مصاريف كثيرة، على مراقبتي في ألمانيا، ولذلك فضلت ترحيلي إلى المغرب ليقوم بالواجب".
يواصل المعتقل المغربي السابق محمد حاجب في اعترافاته لـ "عربي21"، سرد قصة اعتقاله وتفاصيل التحقيق الذي جرى معه في السجون المغربية، ثم سنوات سجنه السبع إلى حين خروجه من السجن وعودته إلى ألمانيا.
فقد أكد حاجب أن حكايته مع التعذيب لم تنته مع انتهاء التحقيقات أو صدور الحكم النهائي، وإنما استمرت، وقال: "في سجن سلا تم تعذيبي مرتين، وكانت الأحوال في مجملها عادية، مع سجناء ما يُسمى "السلفية الجهادية"، وهم خليط من سلفيين وتبليغ وعدالة وتنمية، جمعتهم المخابرات المغربية تحت مسمى السلفية الجهادية".
تنقلت بين السجون وبقي التعذيب
وأضاف: "تنقلت في سنوات سجني بين سجن انفرادي وجماعي، لكن بعد أحداث سجن سلا المعروفة إبان الربيع العربي وكانت هناك مشادات بيننا وبين قوات الأمن، حيث تم ترحيلي إلى سجن تولال بمدينة مكناس، ووضعوني في سجن انفرادي لمدة ثلاثة أيام، ثم أرجعوني بعدها إلى سجن سلا بضغط من السفارة الألمانية في المغرب.. وبقيت في سجن انفرادي لمدة سنة كاملة، وتم نقلي بعد أربعة أعوام إلى سجن انفرادي وعزلة تامة، إلى سجن تيفلت وفي عزلة تامة كذلك".
وذكر حاجب أنه تم الحُكم عليه بعشر سنوات يوم 24 حزيران (يونيو) 2010، بعد إضراب عن الطعام لمدة 46 يوما، وبعدها تم تثبيت الحكم يوم 3 تشرين أول (أكتوبر) 2010. وبعد أحداث سجن سلا وبعد تدخل أربعة مقررين أمميين ومراسلتهم للمغرب عن سبب اعتقاله، قاموا بتخفيض سجنه إلى خمسة أعوام.
وعن ما إذا كانت السلطات الألمانية التي يحمل جنسيتها قد دعمته في سجنه، قال حاجب: "تواصلت مع السفارة الألمانية خلال سنوات سجني، وكانت تسأل عني وتزورني بانتظام، وكان ذلك بنية أنهم كانوا يعرفون أنه سيتم سحب الجنسية الألمانية مني.. وكانت مراسلات السفارة الألمانية إلى الخارجية الألمانية تحمل هذا المعنى، أي معنى سحب الجنسية مني، فكان يتم التعامل معي ليس كألماني، وإنما كألماني من درجة ثانية في طريقه لخسارة الجنسية".
وأضاف: "رويت لهم ما تعرضت له من تعذيب، وتمكنت من تسجيل فيديو وقتها، وقد انتشر كثيرا في ألمانيا، وتدخل حزب الخضر وحزب اليسار الألماني بأسئلة في البرلمان الألماني عن سبب اعتقالي، وعاتب السفارة الألمانية لأنها لم تتدخل بما يكفي من أجل إطلاق سراحي".
وقال: "بعد إصدار الأمم المتحدة لقرارها الداعي للإفراج عني فورا سنة 2012، وتعويضي تعويضا كافيا قمت بعد سنة من ذلك بإضراب عن الطعام، وتم نشر الخبر في الصحف الألمانية، فتدخلت حينها السفارة الألمانية، وقدمت التماسا للملك محمد السادس للإفراج عني لأسباب إنسانية لكن دون جدوى".
قانون الإرهاب
وأشار إلى أن أغلب الذين التقاهم في السجن من المعتقلين الإسلاميين هم معتقلون وفق قانون الإرهاب"، وقال: "هناك من تم اعتقالهم في أحداث 16 أيار (مايو) 2003، ومئات منهم اعتقلوا ظلما وعدوانا، وهم لا علاقة لهم البتة بالإسلاميين، بل إن بعضهم تم اعتقاله من حانات، ومنهم من كان يُدخن، ومنهم من كان لا يصلي أصلا وتم اعتقاله في هذه الحملة".
بعد الاحتجاجات التي جرت في سجن سلا عام 2011 كانت هناك عقوبات لكل المشاركين".
وروى حاجب لـ "عربي21"، أنه شارك في حوارات مع ممثلين عن النظام من أجل احتواء مطالب المعتقلين في السجون، وقال: "لقد كان القيادي في العدالة والتنمية مصطفى الرميد، يأتينا أثناء المفاوضات بين المعتقلين والسلطات الممثلة في وزارة العدل والمندوب العام لإدارة السجون، وفي رجالات الاستخبارات المغربية، وكنا نفاوضهم وكان معهم مصطفى الرميد، بصفته آنذاك، حيث كان رئيس منتدى الكرامة لحقوق الإنسان، ولما صعد إلى سدة الحكم وأصبح وزيرا، كنا نستبشر خيرا.. لقد كان الرجل يقول دوما بأنه يعرف أننا مظلومون، وقال لي شخصيا بأن المشكلة ليست في قانون الإرهاب، بعد أن قلت له بأن العدالة والتنمية الآن في الحكم، وأنه أمضى على قانون الإرهاب، وأنه بالإمكان الآن سحب هذا القانون أو تعديله".
وأضاف: "مازلت أذكر ما قال له الرميد، فقد قال: (المشكلة ليست في قانون الإرهاب، وإنما في المخابرات المغربية). وهو يعلم أن من يعتقل ويخطف ويحكم هو المخابرات المغربية".
وحول معاملتهم في الأيام العادية في السجن، قال حاجب: "للشهادة، عندما كنا في الفترة الأولى من الاعتقال، كنا نقيم صلاة الجماعة، وكان المعتقلون الإسلاميون هم من يطبخون بأنفسهم ويفرقون وجبات الإفطار والغداء والعشاء، وكنا منظمين داخل السجن وحدنا.. وكان مسموح لنا بهذا من دون أن نتحدث عن مظلوميتنا ولا عن أسباب سجننا. نأكل ونشرب وننام ونحفظ القرآن لكن لا نتدخل في علاقات المغرب لا مع أمريكا ولا مع الاتحاد الأوروبي".
لكنه أشار إلى أنه "وبعد الاحتجاجات التي جرت في سجن سلا عام 2011 كانت هناك عقوبات لكل المشاركين".
وقال: "لقد دفعت ثمن ذلك سجنا انفراديا لمدة عام تقريبا لم أر فيه الشمس إلا عند الذهاب إلى المحامي أو عند زيارة الأهل.. وقد تعرضت يومها أيضا لتعذيب شديد، حيث تم تصفيد يدي مع رجلي لمدة 49 يوما، وقد ظلت آثار سوداء في يدي ورجلي لمدة سنتين تقريبا.. ثم تم نقلي لغرفة بالقرب من محركات لثلاجات السجن مزعجة جدا لا تتركني أنام".
دور متميز لزوجتي الإيرلندية
ولفت حاجب الانتباه إلى أن عائلته دفعت ثمنا باهظا أثناء اعتقاله، وقال: "للعلم فأنا متزوج من إيرلندية مسلمة، وعندي معها ثلاثة أبناء. وإنني أعترف بفضل زوجتي بعد الله والوالدين، التي وقفت معي في السراء والضراء، والتي التحقت بي في المغرب. وبقيت هناك طيلة فترة اعتقالي، وابني الكبير (14 سنة) عمر، متأثر جدا بما جرى لي في السجن، ويعاني من مرض نفسي، وصدمة، وهو يتابع علاجا نفسيا الآن في ألمانيا كما أتابع أنا ذات العلاج بسبب سنوات السجن والتعذيب".
وأضاف: "كانت زوجتي، وهي تتقن اللغة الإنجليزية، تتواصل مع منظمة العفو الدولية، ومع هيومن رايتس ووتش، ومع السفارة الألمانية، ومع مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في جنيف، ومنظمة الكرامة في جنيف، وكانت تتواصل مع كل الجهات باللغة الإنجليزية".
وتابع: "أنا ممتن لزوجتي، فالفضل يرجع لها بعد الله سبحانه وتعالى في التعريف بقضيتي، وأنا أيضا ممتن لكل المنظمات الحقوقية المغربية والدولية التي وقفت معي. الإنسان لما يكون في بئر، ويأتي أحد ليساعده لا يمكنه إلا أن يحفظ له فضله، هذا لا أنساه ما حييت".
الخبرة الطبية تقول بأن التعذيب الذي تعرضت له وما ترتب عنه أثر كثيرا على نفسيتي، وأنني لا أستطيع القيام بأي عمل
وذكر حاجب أنه خرج من السجن يوم 18 شباط (فبراير) 2017، بعد أن أتم سجنه كاملا، خمس سنوات أولى، وسنتين بسبب احتجاجات سجن سلا".
وأشار إلى أن "السلطات الألمانية لم تسحب جنسيته، لأنه تمكن من التوصل بوثائق سرية مكنته منها المحكمة الإدارية ببرلين، ومنها وثيقة سرية للسفارة الألمانية تؤكد بأن محاكمته في المغرب لم تكن شفافة، ومن دون أدلة ولا شهود، وكذلك قرار الأمم المتحدة، فتراجعوا عن قرار سحب الجنسية منه".
وحول وضعه الراهن، قال حاجب: "خرجت من سجن تيفلت 2 وبقيت 3 أيام ثم شددت الرحال إلى ألمانيا، ثم إلى إيرلندا حيث تمكث أسرتي الآن".
وأضاف: "أنا الآن في ألمانيا، هناك مؤسسة رسمية منعتني من العمل، وتقول إن الخبرة الطبية تقول إن التعذيب الذي تعرضت له وما ترتب عنه أثر كثيرا على نفسيتي، وإنني لا أستطيع القيام بأي عمل خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وتكفلوا برعايتي"، على حد تعبيره.