الاثنين 20 مايو 2024
الرئيسية - أخبار اليمن - ماذا يحدث للأطفال المجندين في جبهات المليشيات؟
ماذا يحدث للأطفال المجندين في جبهات المليشيات؟
الساعة 10:48 صباحاً (متابعات )

بعد اقل من اسبوعين على عودته من الجبهة، لم يجد الطفل "وضاح" وسيلة للحصول على "القات" إلا الهروب من البيت والعودة إلى الجبهة للقتال مجددًا، وهذه المرة ستكون الأخيرة بزعمه فهو ينوي البقاء هناك إلى الأبد، كما أخبر عائلته.

يعاني "وضاح" وعشرات الآلاف من الأطفال من إدمان "القات" و"الشمة" والسجائر، وبعض أنواع الحبوب التي تصرفها مليشيا الحوثي الإرهابية للمقاتلين في صفوفها على سبيل التنشيط.



والمرة الأولى التي عرف فيها هؤلاء الأطفال تلك المواد الضارة كانت في الجبهات والمراكز التدريبية التابعة لمليشيا الحوثي.

قال والد "وضاح" إن سلوك ابنه لم يعد كما كان قبل التحاقه بالجبهة للقتال في صفوف الحوثيين. مضيفاً: "لم يعد يهتم بدروسه ومسلسلات الأطفال التي كان يعشقها، وبعد أن كان الطفل الخجول المؤدب أصبح يرفع صوته علينا ويجرحنا بكلماته، وصار مدمنا للقات والشمة".

جنون الأطفال

بحسب خبراء في منظمة "اليونيسيف" تعد ظاهرة "جنون الأطفال" العائدين من مراكز التدريب واقعًا اجتماعيًا معتاداً، ويرجعون السبب الى التعبئة والشحن النفسي الذي يتلقاه الأطفال هناك سواء في جبهات القتال أو في المراكز التدريبية، اضافة الى تعاطي بعض المواد الضارة التي تساعد على خلق حالة الارتباك النفسي والعقلي لدى الطفل.

تقول إيمان اليوسفي، وهي أخصائية نفسية في اليونيسيف، إن 90% من الأطفال العائدين من تلك الأماكن لا يكونون صالحين للعيش مجددًا وسط رفاقهم الأطفال ويفضلون قضاء الوقت مع الكبار، وتكون في ألسنتهم مصطلحات معينة لا يتوقفون عن ترديدها كـ" الجنة، النار، آل البيت، القتال، الرصاص، الصواريخ، سيدي، التمويه، الحراسة، الأفاعي" كنوع من "الإفرازات العاطفية" ونتيجة عملية غسيل الدماغ التي تعرضوا لها في سنهم المبكر.

مجرمين صغار

في مايو الماضي، استيقظ أهالي منطقة "وصاب" على جريمة مروعة لطفل لا يتجاوز عمره التسعة أعوام، أقدم على قتل فتاة تبلغ 7 اعوام بطريقة بشعة، حيث قام الطفل بأخذ حجر كبيرة وضربها على رأسها عدة مرات ثم ألقى بها من النافذة.

ولم يكتف بذلك، بل نزل ورائها وقام بجرها من شعرها إلى السائلة وترك جثتها هناك.

ومن خلال التحقيقات تبين أن الطفل كان من رواد المركز الصيفي في تلك المنطقة وتلقى دروساً مكثفة من قبل جماعة الحوثي.

وقبل عامين سقط الطفل "ص. الغفري" 13 سنة مضرجا بدمائه نتيجة اطلاق النار عليه من قبل "ع. السياغي" 12 سنة، بعد يوم واحد فقط من عودته من الجبهة.

وفي مارس من العام الجاري، قتل الأستاذ "جمال الحداد" على يد ابنه المراهق خريج الدورات الحوثية بواسطة مطرقة في محافظة إب شرق العاصمة صنعاء.

وتوضح إحصائية لمنظمة اليونيسيف بتاريخ 6 مايو 2021 "ان من بين كل 10 اولاد عائدين من الجبهة سبعة غير متزنين عقليا ويشكلون خطرا على اقاربهم واهلهم، وتسعة من كل 10 أطفال مدمنين للقات والسجائر وحبوب "الانفيناك" المهدئة، وستة يرغبون بالقتال إلى الابد، وثلاثة يرون أن قتل والديهم جائز في حال مخالفتهم لـ"عبد الملك الحوثي"، زعيم المليشيا الحوثية.

 

بنادق في صدورنا

 

يقول عبدالله مسعود، الذي يعمل مديرا لإحدى الشركات، ان ابنه "ريدان 14 عاما،" منذ عودته من الجبهة الصيف الماضي، ينوي قتله أو التبليغ عنه لأنه يرفض الاستماع لخطابات الحوثي ويكره " الزوامل ".

أصبح مسعود، يخاف على حياته بشكل جدي. ويقول: "اغلق الباب على نفسي جيدا في غرفة النوم و أحرص بشدة أن لا يسمع ابني أي شيء عن عملي ونشاطي في الشركة، قد يبدو الأمر مضحكاً ولكن هذه هي الحقيقة، أنا اخاف من أبني وفلذة كبدي".

ويضيف: "منذ عودته من الجبهة وهو لا يتوقف عن مضغ القات طوال الليل والنوم حتى الظهر وعندما يصحو يذهب الى والدته لتعطيه قيمة "القات" والويل لها إذا رفضت، ثم يعود حاملاً كيس القات ويمضي الساعات يستمع الزوامل 24 ساعة لدرجة الهوس، كل هذا وعمره لا يزال 14 عاماً"

ويتابع بحسرة "لقد حوّل الحوثي أولادنا إلى بنادق في صدورنا".

صناعة الوحوش

الناشطة والمحامية "علياء الكاملي" تصف إجبار الطفل على إدمان القات والشمة والسجائر والمهدئات بأنها "جريمة إنسانية بحق الطفولة". موضحة أن هذا "يسلخهم عن طفولتهم ويحولهم إلى وحوش تمارس القتل والبلطجة بدون إدراك ناهيك عن جريمة ادخالهم اصلاً إلى المراكز الصيفية أو اخذهم للجبهات".

وتقول إن "جريمة تجنيدهم وغسيل ادمغتهم هي الجريمة الاصلية وما عداها مجرد فروع ونتائج طبيعية للجريمة الأساسية، وهي أخذ الأطفال من مدارسهم واعطائهم السلاح وشحنهم بالمعتقدات الخاطئة".

وتضيف الكاملي: "يعترف القانون الإنساني الدولي بأن حماية الطفل تعد أولوية لإنقاذ المجتمع، ويشدد على وقاية الطفل من كافة أنواع الإدمان والعنف وسوء المعاملة والاستغلال، وضمان بقاء الأطفال خارج النزاعات وعمليات الاستقطاب، وذلك من خلال وضع نظم حماية الطفل على المستوى الوطني وعلى صعيد المجتمع المحلي، وبالتالي فان ما يقوم به الحوثيون يعد جريمة في القانون الدولي".

قنابل موقوتة

من جانبها، تقول الدكتورة "خديجة البعداني" أخصائية علم النفس، إن " تحول الطفل الى مدمن مقدمة لتحوله إلى إنسان غير سوي وغير متزن وربما مجرم، والسبب أن عقله الصغير وجسمه الضئيل لا يتحمل مفعول هذه المواد كما يتحملها البالغين وبالتالي فالاضطرابات عنده تكون أعنف من الاضطرابات لدى الاشخاص الأكبر سنا، وتتولد عنده الرغبة في الإيذاء والمخاطرة لذلك يكون هذا النوع من الأطفال مقاتلين شرسين في الجبهات، ووحوش مرعبين في منازلهم"

وتشدد على ضرورة إبقاء "الأطفال بعيدين عن كل أنواع المدمنات وعدم اخذهم إلى المراكز التي تصنع من القتل ثقافة ومن الأطفال قنابل موقوتة، والحفاظ على سلامتهم والتأكد من تربيتهم التربية الصحيحة".

 


آخر الأخبار