ينقضي شهر رمضان ويأمل المسلمون أن يتقبل الله صيامهم وقيامهم وسائر أعمالهم الصالحة التي أدوا فيها القربات. وقد بيّن النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: "من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه". وفي هذا الشهر الكريم، منَّ الله عزوجل على عباده بأن أراهم بعض العلامات التي تدل على قبول صيامهم وطاعاتهم. وقد ذكر العلماء هذه العلامات في كتبهم لتكون بشرى للمؤمنين الذين أخلصوا في عبادة الله.

علامات قبول الصيام والطاعات في شهر رمضان:

استمرارية الطاعة بعد رمضان: من أبرز علامات قبول الصيام أن يستمر العبد في الطاعة بعد انقضاء رمضان. فإذا وجد المسلم نفسه محافظًا على الطاعات كقيام الليل، وقراءة القرآن، والتصدق، وحسن التعامل مع الناس، والابتعاد عن الغيبة والنميمة، فهذا دليل على قبول أعماله في رمضان. كما قال الإمام ابن رجب الحنبلي: "من عمل طاعة ثم أتبَعها بطاعة أخرى، فإن هذه علامة قبولها".

المداومة على الأعمال الصالحة: من علامات قبول الأعمال أن يداوم المسلم على الطاعات، حتى وإن كانت قليلة، فالمهم هو الاستمرارية. فقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل".

صيام الست من شوال والنوافل: يعد صيام الست من شوال من أبرز الأعمال التي تكمل صيام رمضان، حيث تعتبر بمثابة جبر للنقص الذي قد يقع في الفرائض. إضافة إلى ذلك، يُستحب الإكثار من النوافل كالصلاة والصدقة لتعويض أي تقصير في العبادات.

ظهور أثر العبادة في سلوك العبد: من دلائل قبول الصيام أن يلاحظ المسلم تحسنًا في أخلاقه بعد رمضان، حيث يبتعد عن الفحشاء والمنكر، ويظهر عليه الطابع الطيب في تعاملاته مع الناس. كما قال بعض السلف: "من وجَد ثمرة عمله عاجلاً، فهو دليل على وجود القبول في الآخرة".

محبة الطاعة وراحة القلب بها: من علامات قبول العبادة أن يفرح المسلم بالطاعة ويشعر بالأنس والراحة في قلبه عند أدائها. قال الله تعالى: {الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُم بِذِكْرِ اللّهِ أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [الرعد: 28].

نفور من المعصية: علامة أخرى من علامات قبول الطاعة هي كراهية المعصية. حيث أن الله سبحانه وتعالى يزَيّن الإيمان في قلب المؤمن ويكره له المعاصي. كما قال عز وجل: {وَلَكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الإِيمَانَ وَزَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ وَالْعِصْيَانَ} [الحجرات: 7].

بهذه العلامات، يستطيع المسلم أن يتأكد من قبول صيامه وطاعاته في شهر رمضان، ويستمر في الإخلاص والعبادة طوال العام.