كشف تقرير صادر عن المجلس الأطلسي أن الصين نجحت في تحويل البحر الأحمر إلى ساحة استنزاف استراتيجية للولايات المتحدة، مستغلة دعمها غير المباشر لجماعة الحوثي وتنسيقها لضمان عبور آمن لسفنها في الممر الحيوي، بينما تتعرض السفن الغربية لهجمات متكررة.
وبحسب التقرير تزامن هذا التنسيق مع تصاعد الهجمات الحوثية على سفن مرتبطة بإسرائيل والغرب، وسط تداول شعارات مثل "تحية للحوثيين" على منصات التواصل الصينية، فيما تعبر السفن الصينية بسلام نتيجة اتفاقات دبلوماسية سرية جرت في عُمان بين مسؤولين حوثيين وصينيين.
ويرى التقرير أن هذا التفاهم الصيني جزء من تحالف ثلاثي مع إيران وروسيا، حيث تتولى طهران نقل التكنولوجيا الصينية إلى وكلائها، وتوفر موسكو الغطاء الدبلوماسي، ما أدى إلى تصعيد نوعي في أدوات الحوثيين.
كما أورد التقرير نقل أكثر من ألف طن من مواد صاروخية صينية إلى إيران مطلع العام، ما يعكس تصاعد التعاون الاستراتيجي بين بكين وطهران، رغم نفي الطرفين أي دور مباشر.
ويخلص خبراء المجلس الأطلسي إلى أن هدف بكين لا يتمثل في انتصار الحوثيين، بل في إبقاء الصراع مستمرًا بشكل يُرهق واشنطن، ويمنح الصين تفوقًا في حركة الملاحة البحرية والتجارة العالمية.
التقرير أشار إلى أن السفن الصينية تمر دون أن تُستهدف، بينما تتعرض السفن الغربية لهجمات متكررة، في مشهد يعكس فاعلية التنسيق الحوثي-الصيني، وسط ترسانة تكنولوجية تتضمن صور أقمار صناعية صينية ومكونات طائرات مسيرة يُعاد توجيهها بدقة.
وقد كشفت العقوبات الأمريكية الأخيرة عن قيام شركات صينية مثل "شنتشن بويو" و"CGSTL" بتزويد الحوثيين بمكونات ثنائية الاستخدام، كأجهزة توجيه ومعلومات استخباراتية عبر الأقمار الصناعية، مما عزز قدراتهم الصاروخية.
وفي أحد أبرز الأدلة، رُصدت خلايا وقود هيدروجينية صينية داخل طائرات مسيّرة حوثية، إضافة إلى اعتراض 800 مروحة بطائرات مسيّرة تحمل علامات صينية على الحدود العمانية، وهي من النوع المستخدم أيضًا في أوكرانيا والعراق.
وبينما تنفي بكين أي دور مباشر، تؤكد العقوبات الأمريكية أن شركاتها، بدعم حكومي، تُوفر غطاءً لتدفق التكنولوجيا عبر وسطاء ومنصات تجارة إلكترونية.
في السياق ذاته، أورد التقرير أن سفينتين إيرانيتين نقلتا في يناير 2025 أكثر من ألف طن من بيركلورات الصوديوم، المكون الأساسي لوقود الصواريخ الصلبة، من الصين إلى بندر عباس، ما يكفي لتصنيع نحو 260 صاروخًا متوسط المدى.
ويخلص التقرير إلى أن الصين تدير لعبة معقدة: تمنح إيران القوة، فتقوي الأخيرة وكلاءها مثل الحوثيين، بينما تُبقي روسيا على الغطاء الدولي. أما الصين، فتراقب المكاسب الجيوسياسية والاقتصادية بهدوء، فيما تتراجع قدرة واشنطن على السيطرة.
ويشدد التقرير على أن نهج الصين ليس عشوائيًا، بل هو نتاج حسابات دقيقة، حيث تُمنح السفن الصينية حرية العبور، وتُستنزف الموارد الغربية، فيما تبني بكين علاقاتها الإقليمية بصمت، مدفوعة بمصالحها التجارية.
ويخلص التقرير إلى أن الصراع في اليمن لم يعد نزاعًا هامشيًا، بل صار واجهة لصراع أوسع بين القوى الكبرى، تتحرك فيه الصين بدهاء، عبر نفوذ غير مباشر واستغلال الفوضى لصالح مصالحها الاستراتيجية والاقتصادية.