بعد أشهر من التحقيقات التي أجراها مكتب متخصص في وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) بشأن المزاعم المتعلقة بالأجسام الطائرة المجهولة (UFOs)، كشفت نتائج صادمة عن أن بعض نظريات المؤامرة التي انتشرت لعقود حول هذه الظواهر لم تنشأ من خيال العامة أو الصحف الصفراء، بل كان البنتاغون نفسه جزءًا من هندستها وترويجها.

التحقيق، الذي فُتح بناءً على طلب من الكونغرس، أعاد المحققين إلى ثمانينيات القرن الماضي، حيث اكتشفوا أن ضابطًا في سلاح الجو قام بزيارة حانة قريبة من المنطقة العسكرية السرية "المنطقة 51" في صحراء نيفادا. هناك سلّم مالك الحانة صورًا يُزعم أنها توثّق أجسامًا طائرة غريبة، وعلّقت لاحقًا على جدران الحانة، لتتحول إلى مصدر إشعاع لقصص ومرويات محلية غذّت الاعتقاد بوجود برنامج حكومي لاختبار تكنولوجيا فضائية.

غير أن هذه الصور، كما تبيّن لاحقًا، كانت جزءًا من عملية تضليل ممنهجة. فقد اعترف العقيد المتقاعد عام 2023 لمحققي البنتاغون أن تلك الصور كانت ملفقة، وأن مهمته الأساسية كانت تضليل الرأي العام لإخفاء تجارب سرية أجراها الجيش الأمريكي على طائرات شبحية متطورة مثل F-117، في ذروة الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي.

ووفق التحقيق، فإن القيادة العسكرية الأمريكية آنذاك سمحت عمدًا بتنامي الشائعات حول "الأجسام الطائرة"، بل وساهمت في صنع بعضها، لتشتيت الانتباه عن برامج تطوير أسلحة فائقة السرية.

لكن تلك الحادثة لم تكن سوى بداية لسلسلة اكتشافات توصل إليها التحقيق، والتي أظهرت أن البنتاغون وعلى مدى عقود استخدم غطاء "الكائنات الفضائية" للتستر على برامجه الدفاعية المتقدمة، في ظل بيئة ثقافية كانت مشبعة بالهوس بالظواهر الغامضة، تأججت منذ بث رواية "حرب العوالم" الشهيرة عام 1938.

ويأتي هذا الكشف رغم أن وزارة الدفاع الأمريكية كانت قد أصدرت تقريرًا في العام الماضي نفت فيه وجود أدلة على تستر حكومي حول "حياة خارج الأرض". لكن بحسب صحيفة وول ستريت جورنال، فإن هذا التقرير بدوره أغفل عمدًا بعض الحقائق الجوهرية، وعلى رأسها دور المؤسسة العسكرية نفسها في صياغة وتضخيم تلك الأساطير، ليس بدافع الإيمان بها، وإنما كأداة تضليل لإخفاء نشاطات سرية.

وبينما لا تزال التحقيقات جارية، يدرس المسؤولون اليوم ما إذا كان هذا النمط من التضليل قد انبثق من مبادرات محلية منفصلة، أم أنه كان جزءًا من استراتيجية مؤسسية أوسع داخل أجهزة الدفاع والاستخبارات الأمريكية.