2025/06/17
سقطرى.. جزيرة يمنية تخطف الأنظار بجمالها الفريد وتقاوم اندثار طبيعتها وثقافتها

في أقصى جنوب اليمن، حيث يعانق المحيط الهندي رمال الشواطئ البيضاء، تبرز جزيرة سقطرى كتحفة طبيعية منسية تأسر أنظار من تطأ أقدامهم أرضها. بعيدًا عن أزيز الحروب وصخب المدن، تشكّل سقطرى عالمًا قائمًا بذاته، تزخر بتنوع بيولوجي نادر، وتحتضن ثقافة ضاربة بجذورها في التاريخ، ولغة يتحدث بها سكانها الستون ألفًا، أقدم من العربية نفسها.

سقطرى، التي اعتادت أن تكون وجهة لعلماء الأحياء ومستكشفي الطبيعة، بدأت مؤخرًا تفتح أبوابها لجمهور جديد من عشاق المغامرة ومؤثري إنستغرام، مدفوعين بجاذبية أشجار دم التنين الغريبة ومناظر الجزيرة السريالية. رحلة المصور كريس شالك لصالح مجلة Vogue الأميركية، وثّقت هذا التحول، وبيّنت كيف أن هذه الجزيرة باتت وجهة استثنائية في زمن العولمة.

لكن الوصول إلى هذه "الفردوس المنعزل" ليس بالأمر السهل. الرحلات الجوية محدودة تنطلق فقط من أبوظبي مرتين أسبوعيًا، في ظل نفوذ إماراتي متزايد على الجزيرة. أما الإقامة، فغالبًا ما تقتصر على التخييم أو فنادق متواضعة في مدينة حديبو. إلا أن رحلات "سقطرى إكسبيديشنز"، التي يديرها الجندي البريطاني السابق شون نيلسون، قدّمت خيارًا آخر: مخيم متنقل فاخر يمتزج بعراقة البيئة المحلية ويشغل العشرات من السكان في تنظيم تجربة فريدة لا تُنسى.

نيلسون، الذي ينسج علاقات وثيقة مع شيوخ القبائل ويرتّب رحلات بعيدة عن المسارات السياحية المزدحمة، يعمل مع لغويين محليين كمرافق ودليل مثل سالم أحمد، في مسعى لحماية لغة سقطرى من الاندثار. على امتداد الرحلة، تنقل الضيوف بين كهوف وممرات جبلية، ومياه فيروزية ووديان خضراء، يعيشون لحظات سحرية يتوسطها فطور يمني على الشاطئ وقهوة تُقدَّم على وقع هدير الأمواج.

في هضبة ديكسام، حيث تقف أشجار دم التنين الشاهقة كشهود على قرون من التاريخ، يستقبل الزوار سليمان المروه، راعٍ محلي ومرشد، وُلد في كهف قريب ولا يزال يعيش متشبثًا بالأرض. يُظهر سليمان كيف تُحصد مادة اللبان الحمراء من الأشجار، ويحذر من تأثير السياحة غير المنضبطة والجفاف والأعاصير على نظام الجزيرة البيئي الهش. رغم تقدمه في السن، يؤسس مشتلًا صغيرًا لحماية هذه الأشجار للأجيال القادمة.

الرحلة إلى سقطرى لا تقتصر على المناظر، بل هي تفاعل مع سكان يملكون إرثًا ثقافيًا وبيئيًا يُخشى عليه من الزوال. من جهود توثيق اللغة السقطرية، إلى الترويج لسياحة مستدامة تحفظ طبيعة الجزيرة وسكانها، تظل سقطرى شاهدًا حيًا على كيف يمكن للجمال النادر أن يكون مهددًا إن لم يُحتضن بوعي ومسؤولية.

تم طباعة هذه الخبر من موقع بوابتي www.bawabatii.com - رابط الخبر: https://www.bawabatii.net/news331335.html