الجمعة 6 يونيو 2025
تعالوا إلى كلمة سواء.. قبل أن تصير الكلمة الأخيرة المليشيات ال..حوثية
الساعة 07:26 صباحاً
فتحي أبو النصر فتحي أبو النصر

يبدو أن القوى السياسية اليمنية، من "المؤتمر الشعبي العام"، و"التجمع اليمني للإصلاح"، و"الحزب الاشتراكي اليمني"، و"التنظيم الوحدوي الشعبي الناصري"، وحتى "المجلس الانتقالي الجنوبي"، قد قررت جميعها — عن سبق إصرار وترصد تاريخي — أن تقدم الوطن قربانا على مذبح الخصومات الصغيرة والانتصارات التي لا تأتي.

فلنقلها صراحة، لعل الصدمة توقظ الغافلين: أنتم، جميعكم، شركاء في صناعة الكارثة.

فما الذي يمنعكم من الاتفاق؟ أهو حب الوطن الزائد أم قلة خبرة في التناحر؟

لا، أنتم خبراء في صناعة الخلاف كما يُصنع السجاد الفارسي:

عقدة فوق عقدة، حتى يغدو الملمح العام جميلا من بعيد، قبيحا من قريب.

بل أنتم تصنعون "الوطن" على مقاس نزواتكم، ثم تتساءلون بدهشة: "لماذا الح..وثي يتقدم؟".

بمعنى أدق أيها السادة، أنتم منشغلون بجمع شتات الزعامة وتوزيع المناصب الوهمية كأننا لا نعيش في بلد تمزقه الحرب منذ عقد.

المؤتمر يتقن الظهور كأنه الأب الشرعي للدولة، بينما هو غارق في تاريخه كغريق يتعلق بخشبة، الإصلاح يُدير ظهره لنصف المعركة منشغلا في حساباته الضيقة، الاشتراكي لم يغادر 1994، الناصري يعيش حلم عبد الناصر في بلد لا يشبه مصر، والمجلس الانتقالي مصمم على أن الجنوب لا يمكن أن يتنفس إلا وحده، بينما العدو الحقيقي يجلس في صنعاء، يشرب قهوته بهدوء، ويضحك عليكم واحد واحدا.

والحق يقال إن الح..وثي ليس عبقريا، لكنه استفاد من أغبى لحظة تاريخية أنتم صنعتموها.

لحظة ظننتم فيها أن كل خصومة بينكم هي معركة مصيرية تستحق نسف ما تبقى من جدران البيت. فإذا بالبيت يهوي على رؤوس الجميع.

وعليه:

تعالوا إلى كلمة سواء — لا لأنها دعوة طيبة فحسب، بل لأن البديل عنها هو الخراب الشامل.

تعالوا إلى طاولة لا يقف حولها إلا من يريد فعلا بناء وطن، لا من يخطط لمقعد في حكومة مؤقتة في تعز أو معاشيق أو مأرب أو ... اسحبوا الفتيل، قبل أن تحترق أيديكم بما أشعلتموه.

والآن..هل تريدون الحكم؟ حسنا. لا حكم بلا وطن. ولا وطن بلا تسوية. ولا تسوية مع عقلية لا تفكر إلا كيف تهزم شريكها في الخندق قبل أن تهزم العدو في الكهف.

لذلك أيها الساسة، حين كان اليمن يتشظى، كنتم تتجادلون حول من يرفع علمه فوق المقر، وليس فوق التل. وحين كان الح..وثي يسير طائراته المسيرة، كنتم تُسيرون لجانكم الخاصة للمؤتمرات والبيانات.

بمعنى آخر أنتم تكتبون تاريخا لن يرحمكم.و أبناء هذا الجيل سيقرؤون: "كان اليمن يحترق، وكان الساسة يقسمون غنائم الرماد".

ألا فليقلها أحدكم بصوت مرتفع:

نحن خذلنا الشعب. نحن الذين مهدنا الطريق للمليشيا عبر انقساماتنا الغبية، لا عبر قوتها الذكية. فالح..وثي لم يهزمكم عسكريا بقدر ما هزمكم سياسيا — حين صبر وأنتم تتناحرون.

و لذلك:

توقفوا. اتحدوا. أوقفوا هذه المهزلة التاريخية التي لا يضحك فيها أحد إلا الموت.

نعم:

أيها السادة في "الإصلاح" و"المؤتمر" و"الاشتراكي" و"الناصري" و"الانتقالي"، تعالوا إلى كلمة سواء: دعونا نكتب بيانا واحدا لا يحتاج إلى عشرة توقيعات ومئة تحفظ، بل يحتاج فقط إلى ضمير.

وبالتأكيد هذه ليست دعوة مثالية، بل واقعية حد القسوة.

بل صدقوني أنتم أمام لحظة لم يتبق فيها وقت للترف الفكري. إما أن تكتبوا التاريخ معا، أو سيكتبه عليكم غيركم. ومن يكتب التاريخ لا يرحم ضحاياه — ولا السفهاء الذين أضاعوا وطنا لأنهم اختلفوا على ترتيب كراسي الخيمة.

فيا ساسة اليمن، كفى عبثا، الوطن لم يعد يحتمل مزيدا من الغباء المقدس.

تعالوا إلى كلمة سواء قبل أن تجدوا أنفسكم بلا وطن، بلا تاريخ، بلا مستقبل. ثم إن الح..وثي لا ينتصر بقوته، بل بضعفكم.

فإما أن تكونوا رجال دولة، أو تظلوا مجرد هتافات فارغة في مقبرة وطن يُحتضر.

تحديدا يا قادة الأحزاب، لم تعد جماهيركم تصفق... بل تصفق الباب خلفها مهاجرة أو مقتولة أو جائعة.

تتقاتلون على يمين الكرسي وشماله، بينما الكرسي محترق.

تتبادلون التخوين كأنكم في مسرحية هزلية والجمهور ميت.

فيما الوطن لا يحتاج خطبا كيديه بل رجالا نبلاء، ولا يحتمل مؤتمرات، بل ميثاق نجاة.

أي كفوا عن إدارة الفشل، فقد تعب الموت من تعداد ضحايانا.

متى ستفهمون ؟؟!

 


إضافة تعليق
الأسم
موضوع التعليق
النص
آخر الأخبار