"السفارة في القدس".. هل يصب ترامب الزيت على نار الانتفاضة؟
2017/01/19
الساعة 03:37 مساءً
بحالة من القلق والترقّب ينتظر الفلسطينيون أولى خطوات الرئيس الأمريكي المنتخب والمثير للجدل، دونالد ترامب، تجاه القضية الفلسطينية والصراع مع الاحتلال الإسرائيلي لتحديد التوجهات السياسية في المنطقة الساخنة، بعد أخطر تصريحات أطلقها تتعلق بالشرق الأوسط خلال حملته الانتخابية.
الفلسطينيون حتى هذه اللحظة لا يعلمون ما يدور في ذهن ترامب تجاههم، ولا يزال هاجس الخطر "المجهول" القادم من واشنطن مُسيطراً على المشهد، بعد تلقيهم مؤشرات أولية تؤكد أن مرحلة ترامب ستكون "مظلمة" على تاريخ القضية والحقوق الفلسطينية، بعد تمسك الرئيس الأمريكي المنتخب بأخطر الملفات؛ المتمثل "بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة"، ما قد يشعل الحرب والمواجهة مع الإدارة الأمريكية مبكراً.
وآخر ما سجل في هذا الصدد، ترجيح مصادر سياسية إسرائيلية أن يتم الإعلان عن نقل السفارة الأمريكية إلى القدس الأسبوع المقبل.
ونقلت الإذاعة الإسرائيلية، الخميس 19 يناير/ كانون الثاني، عن المصادر التي لم تسمها أن طاقماً أمريكياً تفقد مؤخراً الموقع المخصص لإقامة مبنى السفارة في القدس.
من جهتها، أكدت مسؤولة أمريكية اختارها دونالد ترامب لتكون سفيرة بلاده في الأمم المتحدة، الأربعاء 18 يناير/كانون الثاني، أن واشنطن تعتزم نقل سفارتها في إسرائيل من تل أبيب إلى القدس.
ورداً على سؤال عن وعد ترامب، خلال حملته الانتخابية، بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، بالإضافة إلى نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، قالت هالي: "تماماً، هذا ليس فقط ما تريده إسرائيل، بل أيضاً ما قال هذا الكونغرس إنه سيدعمه".
ويأتي الكشف عن هذه المعلومات بالتزامن مع تحذير الرئيس الأمريكي باراك أوباما، مساء الأربعاء، في آخر مؤتمر صحفي له قبل تسليم الرئاسة لترامب، إن نقل سفارة الولايات المتحدة إلى القدس قد يسفر عن نتائج من شأنها "تفجير" الوضع في المنطقة.
ترامب، المتمسك بملف "نقل السفارة الأمريكية للقدس" يريد أن يثبت للجميع أنه "الأقوى"، وأنه الرئيس الأمريكي الوحيد القادر على ذلك، بعد فشل 3 رؤساء سابقين؛ وهم بيل كلينتون، وجورج بوش الابن، وباراك أوباما، في اتخاذ تلك الخطوة وتحمّل نتائجها السلبية على المنطقة بأكملها، رغم موافقة الكونغرس بشقيه على القرار.
- الكشف عن السلاح الفلسطيني
مندوب فلسطين الدائم في الأمم المتحدة، رياض منصور، وجه تحذيراً شديد اللهجة للإدارة الأمريكية الجديدة من اتخاذ هذه الخطوة الخطيرة، وتنفيذ الرئيس ترامب وعوده بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة.
وأكد منصور لمراسل "الخليج أونلاين" أن وعود ترامب بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى مدينة القدس المحتلة ستكون مرحلة صعبة وقاسية للغاية على الفلسطينيين، وفيها انتهاك خطير للغاية للقانون الدولي، وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 181.
وقال: "خلال حملة ترامب الانتخابية كان يتغنى بورقة نقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة، وهذا الأمر في حال تم تنفيذه بعد فشل رؤساء أمريكيين سابقين، فسيكون مؤشراً خطيراً للغاية، ويدلل على مرحلة صعبة مقبلة على الفلسطينيين".
وشدد مندوب فلسطين الدائم على أن الفلسطينيين سيكون لهم "سلاح" للتعامل مع خطوة ترامب بنقل السفارة، مؤكداً أن القيادة الفلسطينية ستستخدم سلاح الدفاع عن نفسها وعن حقوقها الوطنية، وستتوجه إلى مجلس الأمن الدولي والأمم المتحدة بمواجهة الإدارة الأمريكية وفضحها أمام العالم.
وذكر أن الفلسطينيين سيطالبون كذلك بعقد جلسات طارئة لمجلس الأمن الدولي بشكل يومي، وإعادة فتح ملفي "الجدار الفاصل" و"المستوطنات" من جديد على المستوى الدولي.
وبحسب القانون الدولي تعتبر القدس مدينة محتلة، وعليه تمتنع الدول الكبرى عن نقل سفاراتها إليها، رغم إصرار الجانب الإسرائيلي على أن القدس العاصمة الموحدة والأبدية لإسرائيل.
وكان ترامب وبعض مستشاريه قالوا خلال الحملة الانتخابية، إنه: "إذا فاز في الانتخابات فستعترف إدارته بالقدس الموحدة عاصمة أبدية لإسرائيل، وسيطبق قرار الكونغرس بشأن نقل السفارة إلى القدس". كما قال ترامب ذلك لرئيس الحكومة الإسرائيلية نتنياهو، في أثناء اجتماعه به في نيويورك، سبتمبر/أيلول الماضي.
وبعد فوز ترامب وانقضاء الحملة الانتخابية حاول طاقم الرئيس المنتخب الإيحاء بنية التراجع عن وعد نقل السفارة. وقال المستشار السياسي لترامب، وليد فارس، في لقاء مع شبكة BBC: إن "ترامب قصد نقل السفارة إذا حظي القرار بالإجماع".
وكان الناطق بلسان وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، علق على هذه الخطوة للصحفيين: "إن كل الإدارات الأمريكية، جمهورية وديمقراطية، رفضت الاعتراف بسيادة أي دولة على القدس، ومنذ 1995 فرض الرؤساء من الحزبين الفيتو على تطبيق قرار الكونغرس المتعلق بنقل السفارة إلى القدس".
- إشعال للمنطقة.. وإسرائيل تنتظر
وفي الطرف الآخر ينتظر الإسرائيليون بفارغ الصبر وعد الرئيس الأمريكي المنتخب، دونالد ترامب، بنقل سفارة بلاده من تل أبيب إلى القدس المحتلة، وسط تشكيك من مراقبين بقدرة ترامب على تنفيذ وعده.
ورغم الدعم الأمريكي الكبير لإسرائيل، عسكرياً وسياسياً واقتصادياً، فإن خطوة نقل السفارة تشكّل رمزيّة كبيرة؛ إذ إنها قد تعطي ضوءاً أخضر لإسرائيل للاستمرار في الاستيطان بالضفة الغربية والقدس المحتلة، وقد تحذو دول أخرى حذوها.
بدوره أكد محمد مصلح، الخبير في الشأن الإسرائيلي، أن دونالد ترامب سيقلب الشرق الأوسط بأكمله، وسيدخل في كل الأبواب التي كانت محظوراً دخولها على أي رئيس أمريكي من قبله.
وقال مصلح لـ"الخليج أونلاين": إن "ترامب شخصية لا تعرف المحظور السياسي، ولا يمكن لهذا الرجل أن يتمسك بالقوانين والأعراف الدولية، وكل توجهاته السياسية المقبلة على المنطقة ستكون خطيرة، وقد تخلق شرق أوسط جديداً ومختلفاً عن الحالي".
وأضاف: "ترامب سيدخل في المحظور بالكثير من الملفات السياسية الخطيرة، ووعوده بنقل السفارة الأمريكية لمدينة القدس المحتلة قد ينفذها في حال وجد الدعم من قبل الكونغرس الأمريكي، وهو مستعد وجاهز لأي تصعيد أو مواجهة مع الفلسطينيين وغيرهم".
ودعت وزيرة العدل الإسرائيلية، إيليت شاكد، من حزب "البيت اليهودي"، ترامب إلى الوفاء بوعده بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس المحتلة، في خروج عن سياسة الإدارات الأمريكية المتعاقبة، سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية.
كما دعت تسيبي هوتوفلي، نائبة وزير الخارجية، وهي من حزب الليكود الذي يتزعمه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ورئيس بلدية القدس نير بركات، إلى نقل السفارة الأمريكية إلى مدينة القدس المحتلة.
يشار إلى أن انتفاضة القدس متواصلة منذ أكثر من عام، الأمر الذي يرى فيه مراقبون أن إعلان نقل السفارة الأمريكية في القدس من شأنه أن يصب الزيت على نار هذه الانتفاضة.