الجمعة 2 مايو 2025
الرئيسية - العالم العربي - تكشف لأول مرة.. مفاوضات سرية بين بشار الأسد والامريكيين انتهت بـ لا وتفضيل العزلة!
تكشف لأول مرة.. مفاوضات سرية بين بشار الأسد والامريكيين انتهت بـ لا وتفضيل العزلة!
الساعة 04:40 مساءً (بوابتي )

في تقرير حصري، كشفت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية عن كواليس المُحادثات السرّية التي أجراها دبلوماسيون سوريون مع مسؤولين أمريكيين، تحقيقاً لرغبة واشنطن في التقارب مع دمشق، وهو ما رفضه بشدّة الرئيس السوري السابق بشار الأسد، مما أثار استغراب ودهشة كبار المسؤولين من الجانبين، وساهم في الإطاحة به بعد أشهر قليلة.

وفي معلومات تُذكر للمرّة الأولى، كشف مراسل "لو فيغارو" الخاص في دمشق، المتخصّص بشؤون الشرق الأوسط جورج مالبرونو، أنّه في أوائل عام 2024، أرسلت إدارة جو بايدن رسالة إلى الرئيس السوري عبر دولة عربية، التي بدورها أوفدت مسؤولاً كبيراً إلى دمشق للقاء وزير الخارجية السوري آنذاك، فيصل المقداد.



ونقل المسؤول العربي الرسالة التالية: "واشنطن مُهتمّة ببدء مُحادثات سرّية حول قضايا مُعيّنة بهدف التقدّم تدريجيًا في قضايا أخرى".

وكان ردّ بشار الأسد سريعًا وغريبًا: "لا، نحن لا نتحدّث مع الأمريكيين". وبعد أن بدت على السياسي الضيف علامات الذهول والاستغراب من الرفض، تواصل مع زعيم بلاده الذي اتصل فورًا بالأسد ليُخبره أنّه "من غير المنطقي رفض قناة نقاش مع الولايات المتحدة".

لكن في النهاية، تمّ إرسال وفد سوري إلى تلك الدولة العربية برئاسة الدبلوماسي السابق عماد مصطفى، الذي كان يتمتع بخبرة كبيرة بعد أن عمل سفيرًا لدى الولايات المتحدة ثم الصين. وفي المقابل، وفي إشارة إلى جدّية واشنطن، أرسل الرئيس الأمريكي جو بايدن بريت ماكغورك، أحد مبعوثيه الشخصيين إلى الشرق الأوسط.

وأحيط عماد مصطفى باثنين من قادة الاستخبارات السورية لحضور المُفاوضات مع الوفد الأمريكي، وهي مناورة كلاسيكية في نظام كان يُراقب فيه الجميع بعضهم بعضًا. وفي اليوم السابق لمغادرتهم، كرّر بشار الأسد التعليمات لهم: "لا تحلموا ولو للحظة واحدة بأنكم ستتفاوضون مع الأمريكيين!"، وشدّد عليهم "يجب أن تقولوا لا لكلّ ما يعرضونه عليكم".

ووجد الوفد السوري نفسه مُتورطًا في هذه الدبلوماسية الصعبة، عاجزًا عن فهم منطق زعيمهم، وقال أحد أعضاء الوفد للصحيفة الفرنسية وهو يشعر بالمرارة من تفويت مثل هذه الفرصة: "كانت بلادنا في وضع صعب للغاية، وكانت معزولة تمامًا على الساحة الدولية، وكان الناس فقراء، وكان علينا أن نقول لا لأيّ اقتراح من شأنه أن ينتشلنا قليلاً من الهاوية".

وخلال التفاوض، قدّم بريت ماكغورك العرض الأمريكي: "نريد من سوريا أن تتعاون معنا للعثور على أوستن تايس، الصحفي الأمريكي الذي اختفى عام 2012 في إحدى ضواحي دمشق".

وتابع ماكغورك: "وبما أننا نعلم أنكم لا تفعلون أي شيء بالمجّان، إذا وافقتم على العمل معنا بشأن تايس، فإننا سنوافق على سحب قواتنا (2000 جندي) حول حقلي النفط كونوكو والعمر في شمال شرق سوريا، وستحل قواتكم محل قواتنا، لكن لدينا شرطين: أن تكون قواتكم فقط هناك وليست ميليشيات شيعية موالية لإيران، وألا تُستخدم هذه المناطق المحيطة بالآبار النفطية لمهاجمة جنودنا".

ويُذكر أنّه في أغسطس (آب) 2024، وبينما دعا إلى "الإفراج الفوري عنه"، قال جو بايدن إنّ الولايات المتحدة "حثّت الحكومة السورية مرارًا وتكرارًا على التعاون معنا حتى نتمكن أخيرًا من إعادة أوستن إلى وطنه".

وفي نهاية جلسة المفاوضات الأولى هذه، أخذ بريت ماكغورك أحد محاوريه السوريين جانبًا ليطلب منه تبادل أرقام واتساب الخاصة بهم حتى يتمكنوا من "التواصل بشكل مباشر".

واتفق الفريقان على اللقاء مجددًا بعد ثلاثة أسابيع، لكن على الجانب السوري، انفجر بشار الأسد غضبًا: "من سمح لك بإعطاء رقم هاتفك؟" طالبًا حذف رقم ماكغورك أمام عينيه فورًا، ثم قال: "لن تعود إلى هناك".

وبعد أن علموا بالرفض السوري غير المنطقي، تدخل زعماء عرب لإقناع الأسد بتغيير رأيه، فوعدهم في البداية، ولكن عبثًا.

ولقتل المبادرة نهائيًا، أرسل الأسد، الذي زعم موافقته في البداية، رسالة بعد أيام قليلة تقول: "انسوا الأمر، لقد توقفنا". وهكذا تم إخبار الأمريكيين، الأمر الذي أثار غضب واحتقار الدبلوماسيين السوريين لتفويت بلادهم مثل هذه الفرصة التي كانت ستُعدّ انتصارًا سياسيًا واقتصاديًا لبلادهم مع استعادة عدد من أهم حقول النفط.

أما بالنسبة لأوستن تايس، فلا تزال عائلته لا تملك أيّ أخبار عنه، ولم يتم العثور عليه حتى بعد سقوط النظام السوري السابق. وتُشير بعض المصادر الدبلوماسية إلى أنّ الأسد أوكل قضية الصحافي الأمريكي إلى حلفائه الإيرانيين قبل سقوطه. وبالنسبة لطهران، فإنّ تايس من شأنه أن يُمثّل ورقة إضافية في المفاوضات المحتملة مع الولايات المتحدة بشأن برنامجها النووي.

وبحسب مصادر عدّة، فإنّ الرفض النهائي للأسد جاء في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، قبل أسابيع فقط من انطلاق معركة حلب، التي كانت بمثابة مقدمة لسقوطه في الثامن من ديسمبر (كانون الأول).

وأظهر بشار الأسد نفس العناد عندما قال لا لتركيا التي أرادت التفاوض معه حول مصير إدلب، في حين حاولت إيران وروسيا والعراق إقناعه بلقاء الرئيس رجب طيب أردوغان. وحسبما يذكر أحد مصادر "لو فيغارو"، فإنه من غير المُستغرب إذاً أنّ جميع حلفاء الأسد قد تخلّوا عنه في نهاية المطاف عندما انهارت قواته، مما أجبره على مُغادرة دمشق.
 


آخر الأخبار