الاثنين 9 يونيو 2025
الرئيسية - منوعات - حرية العبادة مكفولة في دبي، لكن لا تحاول إقناع أحد بتغيير دينه
حرية العبادة مكفولة في دبي، لكن لا تحاول إقناع أحد بتغيير دينه
دبي
الساعة 08:55 صباحاً



ابتي منوعات

يوجد القليل من العلامات الدالة على وجود ديانات أخرى غير الإسلام في دبي، لكن مع هذا فالمدينة تتسامح جدا مع العقائد الأخرى، ويعمل الحكام على ضمان وجود أماكن للعبادة لأصحاب الديانات والعقائد الأخرى.

الأب ماثيو، مرتديا ثوب الكهنة الأبيض والذهبي، استدار ليواجه 60 شخصا من أتباعه. الآباء من الطبقة الوسطى في قمصان منقوشة، الأمهات كبار السن يرتدين غطاء الرأس، وسيدات ينظمن الأطفال، كما يوجد عدد قليل من الرجال مفتولي العضلات ينتشرون بين 13 صفا من المقاعد في كنيسة سانت ماري للروم الكاثوليك بإضاءتها الزاهية الحديثة. وفي الوقت الذي كان فيه الأب ماثيو يتبادل الشراب، كان المسجد المجاور للكنيسة يرفع الآذان. في إحدى أمسيات الخميس بعد انتهاء العمل في دبي، كنت جالسا في قداس، وكان على غير العادة بلغة الأوردو. في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتي تعد دبي إحدى إماراتها، توجد قيود معقدة على حرية التعبير، وتفرض رقابة كبيرة على وسائل الإعلام ويوجد عشرات النشطاء في السجون، لكن لديها أيضا تاريخ غير معروف من التسامح الديني. في عام 1958 سمح الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم، حاكم والد دبي الحالي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، ببناء معبد هندوسي، ونصل إليه اليوم عبر ممر على جانبيه متاجر لبيع تماثيل للآلهة والإلهات وأكاليل من الورود والزهور المخملية. null
تستقبل كنيسة سانت ماري للروم الكاثوليك أكثر من 7000 شخص في قداس يوم الجمعة
ويوجد هذا المعبد الوحيد في بلد ربما يعيش به الآن أكثر من نصف مليون هندوسي، ويستقبل هذا المكان المؤقت والمعطر بخشب الصندل عشرات الآلاف من المتعبدين الهندوس والسيخ، كل أسبوع. ومع اكتشاف النفط في دبي، عام 1966، تبرع الشيخ راشد بقطعة أرض لبعثة مسيحية من الرومان الكاثوليك. وتطورت المدينة من حول كنيسة سانت ماري، والتي توجد الآن بجانب طريق مزدحمة في قلب مدينة دبي. وبما أن الأحد يوم عمل رسمي في دبي، فإن أبرز خصائص الطقوس المسيحية هنا إقامة الصلاة الرئيسية يوم الجمعة، لأنه يوم العطلة الأسبوعية لغالبية العاملين. وتستضيف الكنائس عشرات الخدمات الكنسية بلغات متعددة كالإنجليزية والعربية وكذلك لغات من تاغالوغية ومالايالامية. null ويقول الأب ليني كونيلي، كاهن كنيسة سانت ماري :"نرى حوالي 7000 شخص في قداس الجمعة." ولا يستطيع كونيلي تحديد عدد الكاثوليك في دبي، خاصة أن غالبيتهم من الهند والفلبين، لكنه كان واضحا فيما تقدمه دبي :"لم نكن نتوقع كل هذه الحرية، ونتمتع بحرية العبادة وممارسة شعائر ديننا في هذا المجمع."
ينعم المسيحيون الباكستانيون بالأمان وحرية العبادة في الإمارات في حين يتعرضون للعنف وحرق الكنائس في باكستان
وهذا مؤهل هام جدا، خاصة أنه لا توجد في دبي أية دلائل أو رموز لدين آخر غير الدين الإسلامي، فالكنائس لا يمكنها وضع الصليب، ولا يسمح بالتبشير ومن يحاول نشر دينه أو معتقده أو إقناع المسلمين بترك الإسلام يواجه عقوبة السجن أو الترحيل. وبعد انتهاء قداس الأوردو الخاص بي، قابلت جيري روبرت، رئيس جالية الكاثوليك الباكستانيين في دبي، وتعود أصوله إلى مدينة كراتشي وجاء إلى الإمارة منذ 17 عاما. ويعمل روبرت مدير أمن في بنك، ويتميز بالطول ويرتدي بدلة أنيقة، وسألته عن أوضاع المسيحيين في دبي، خاصة أنهم يتعرضون لهجمات عنيفة وتحرق كنائسهم في باكستان. فأجاب :"هنا أفضل بكثير جدا، لدينا مطلق الحرية في بلد مسلم، والبيئة آمنة لنا تماما، وهذا ما نحتاجه في باكستان." وبجوار كنيسة سانت ماري توجد كنيسة هولي ترينتي للبروتسانت، ضمن مجمع مباني بجدران عالية، مشيد على أرض تبرع بها الشيخ راشد. وصباح كل جمعة يتوافد آلاف الناس، غالبيتهم آفارقة ومن جنوب آسيا، لحضور عشرات الخدمات الكنسية التي تقام في وقت متزامن في كنائس صغيرة وقاعات الصلاة الكبيرة. وبين التجمعات تصدح الموسيقى الصاخبة والتلويح بالأذرع، وانضممت إلى مجموعة من الطائفة الانجليكانية تتلوا التراتيل التقليدية. ووجدت نفسي عالقا في صلاة هندية، ثم اختلست النظر في كنيسة كورية حيث كان مراهقون يؤدون أغاني الروك المسيحية.
الأب ماركوس أكد على أن الأقباط في دبي سعداء جدا بالحياة والحرية والجميع يحترم القانون
كما كانت الكنيسة القبطية مليئة بالناس ودخان البخور، وغرفة مزينة بالسجاد الأحمر مع مقصورات منحوتة وجدران مكسوة وصورة ضخمة للمسيح رسمت على السقف الأزرق، ورنت الصاجات وعزفت المثلثات مع وجود شاشات لترجمة للصلوات التي تردد باللغتين العربية والقبطية. ويعد الأقباط أكبر أقلية دينية في مصر، وتعرضوا لتمييز وهجوم أيضا، ويعيش منهم عشرة آلاف أو ربما أكثر في الإمارات، ويعيش الأب ماركوس في دبي منذ 12 عاما وأخبرني بأن رعايا الكنيسة القبطية في الإمارات يعيشون في سعادة غامرة ويستمتعون بحياتهم وحريتهم. وقال :"الحياة هنا أفضل كثيرا جدا مما هي عليه في مصر، فإذا احترمت القانون هنا تعيش في سلام، أما في مصر إذا عرفوا أنك مسيحي.."، وصمت وظهر عابس الوجهه. ويوجد الكثير من الكنائس في دبي والإمارات، بالإضافة للعديد من أماكن العبادة المخصصة للسيخ، وجميعها على أراضي تبرع بها الحاكم الحالي الشيخ محمد بن راشد. ربما يكون سجل دبي في حقوق الإنسان والحرية السياسية سيئا، لكنها مدينة غريبة، فهي بالنسبة للبعض ملاذ للتسامح الديني. المصدر بي بي سي

آخر الأخبار